Thursday, 2 June 2011

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه (1) سعد بن معاذ

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس الأنصاري الأوسي الأشهلي أمه كبشة بنت رافع. صحابي من أهل المدينة، سيد الأوس. يكنى أباعمر. أسلم على يد مصعب بن عمير الذي أوفده الرسول صلى الله عليه وسلم للدعوة في المدينة قبل الهجرة، وقال لبني عبد الأشهل: «"كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا"» فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام وأقام مصعب بن عمير في داره يدعو الناس إلى الإسلام. كان سعد وأسيد بن الحضير يكسران الأصنام. ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص

في غزوة بدر وأحد


وعندما خرج المسلمون إلى بدر لملاقاة المشركين واستشار النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار، فقال سعد: «آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدواً غداً إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله».

فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله، وحمل سعد لواء الأوس في المعركة وأبلى بلاءً حسناً. وشهد أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت معه حين ولى الناس وأبدى شجاعة فائقة.

غزوة الخندق وما بعدها ووفاته


وشهد الخندق وروي أنه مر على أمه والسيدة عائشة بنت أبي بكر وعليه درع له خرجت منها ذراعه وفي يده حربة وهو ينشد: «لابأس بالموت إذا حان الأجل» فقالت أم سعد: «الحق يابني قد والله أخرت» فقالت عائشة: «يا أم سعد لوددت أن درع سعد أسبغ مما هي» فخافت أمه عليه فأصابه سهم في ذراعه فقطع أكحله (عرق من وسط الذراع) فقال سعد: «اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة» ثم حمل إلى المسجد فأقام له النبي صلى الله عليه وسلم خيمة فيه ليعوده من قريب ثم كواه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار مرتين فانتفخت يده ونزف الدم، فلما رأى سعد ذلك قال: «اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فما قطر عرقه قطرة بعدها».

ولما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة طلبوا منه أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية. فجاء سعد رسول الله مستنداً على حمار له، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال: «قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه فأنزلوه» فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «احكم فيهم» قال: «فإني أحكم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري». فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله فلما قتل آخر رجل منهم انفجر الدم من عرقه» واحتضنه النبي صلى الله عليه وسلم: «فجعلت الدماء تسيل على رسول الله وجعل أبو بكر وعمر يبكيان ويسترجعان» وتوفي على إثرها فاهتز له عرش الرحمن.

حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسيله ودفنه، ولما وضع في قبره كبر رسول الله وكبر المسلمون حتى ارتج البقيع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تضايق القبر على صاحبكم وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا سعد»، ثم فرج الله عنه، ولما انصرف من جنازته ذرفت دموعه حتى بلت لحيته. وندبته أمه فقال صلى الله عليه وسلم: «كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد». وأهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب حرير جعل الصحابة يتعجبون من لينه وحسنه، فقال صلى الله عليه وسلم: «مناديل سعد في الجنة أحسن من هذا». توفي وهو ابن سته وثلاثين سنة.


No comments:

Post a Comment